شاركنا في أحد المسابقات الأدبية للقصص القصيرة وكان رأي لجنة الفحص :
بقلم/ وحيد عبود برّوق (يمني مقيم في الكويت)
ـ ( همام ) ، كان، الصواب: ( همام )، كان
ـ أبنائي ؟، الصواب: أبنائي؟
ـ يا ولدي ../ أبي! .. ، لا توجد في اللغة العربية علامة ترقيم كتلك (..) كما أن موضعها خطأ
رؤية اللجنة في هذه المشاركة:
حكاية وعظية مؤلمة من فرط واقعيتها، اعتمد الكاتب فيها على أسلوب مباشر، و فكرة بسيطة عنوانها سخاء الآباء و جحود الأبناء؛ و قد تناص في نهايتها مع الآيات القرآنية الكريمة: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89)) سورة الشعراء
غير أن اللافت للنظر أن عرض الأفكار الجيدة يحتاج لسرد فني جيد، و ليس مجرد نقل الوقائع كما هي، بل باستخدام ألفاظ التعبير التي توضح تلك الوقائع و تعللها؛ فتزيدها بذلك حيوية و تشويقا، و تخرجها من عباءة الخبر الوعظي المباشر... و لكون مسابقتنا مخصصة للقصة القصيرة فقط، والتزاما بهذا؛ يؤسفنا عدم عرض هذا النص على المحكمين، و نستحث الكاتب المبدع أن يتحفنا مستقبلا بقصة قصيرة... مع خالص التمنيات الطيبة بالتوفيق في الدورات القادمة بإذن الله.
هذا كان ردهم على قصتنا التالية :
( أبو الدنيا )
أبو الدنيا: هو
إنسان شغلته الأيام و الأعمال، في جمع الدرهم و الدينار و الريال، رزقه الله من
العيال اثنان هما ( مهتم ) و ( همام ) ،
كان ( مهتم ) يحب متابعة الألعاب الرقمية على التلفاز، و كان ( همام ) رياضيا يحب
الرياضة، دخل عليهم أبوهم ( أبو الدنيا ) قائلا:
-
السلام عليكم.
-
( الأبناء معا ) و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته.
-
كيف حالكم يا
أبنائي ؟
الابن الأول يقول لأبيه:
-
أبي، أريد
دينارا لأعبئ رصيد الجوال كي أرسل الرسائل إلى شركة الاتصالات لعلّي أفوز برحلة
لمشاهدة المباراة النهائية في كأس العالم.
-
حاضر يا ولدي
.. ( يوجه الأب خطابه للابن الثاني ) و ماذا تريد أنت أيضا يا ولدي؟
-
أما أنا فأريد
أكثر، و ذلك لأشتري البلايستيشن الجديد الذي نزل في الأسواق.
-
السمع و
الطاعة يا ولدي، أنا أجمع كل هذا المال لمن؟ أليس من أجلكم؟
-
( الأبناء معا ) نريد هذا المال في الحال يا أبي. ( هز الأب رأسه
بالموافقة ).
و فجأة! أصابت
أبو الدنيا وعكة مفاجئة و أمسك بصدره، شاهده أبناؤه فسارعوا بسؤاله حيث قال الابن الأول
و الثاني على التوالي:
-
أبي! .. أريد
تعبئة رصيد الجوال!
-
و أنا أريد
البلايستيشن الجديد!
زادت
آلام أبي الدنيا عندما رأى أولاده لا يهتمون بمساعدته، و يهتمون بالمال الذي عاش
عمره يجمعه لهم، فقال لهم متألما:
-
آه! ساعدوني،
أسعفوني يا أولاد!
-
و رصيد الجوال
يا أبي؟ المحلات ستغلق أبوابها قريبا!
الأب مستنكرا جواب ابنه الأول يسأل:
-
ماذا تقول يا
ولد؟
-
دعك منه يا
أبي، أنا أريد البلايستيشن، فالبلايستيشن أهم.
لم يستطع الأب
تحمل ما يسمعه من أبنائه فسقط على الأرض، و تبادل الأبناء الحديث مع بعضهم البعض:
-
كيف سأشحن
الجوال الآن؟
-
بل قل من
سيشتري لي البلايستيشن؟
-
( الأبناء معا في نفس الوقت ) دعنا نذهب إلى أمي فلعلّ عندها الحل!
مات أبو الدنيا و
أولاده عليه لا يبكون، و بالشاشات منشغلون، لم ينفعه المال و لا البنون.
انتهى
و بكل بساطة أرد على لجنة الفحص بالتالي :
(1) بالنسبة لقواعد علامات الترقيم ولصق علامة الترقيم بآخر الكلمة لا أعرف من أين أتوا بهذه القاعدة و لكن من حقهم وضع أية شروط هم بحاجة إليها ، أما بالنسبة ( .. ) فمن فمك ندينك ولاحظ أنهم استخدموها بزيادة نقطة (...) ووردت في ردهم أعلاه مرتين : الوعظي المباشر... و لكون ، بقصة قصيرة... مع خالص
(2) القصة من وجهة نظرهم ليست قصة للأسباب التالية :
- اعتمد الكاتب أسلوب مباشر وفكرة بسيطة .
- قد تناص في نهايتها مع الايات القرآنية الكريمة .
- عرض الافكار الجيدة يحتاج لسرد فني جيد وليس مجرد نقل الوقائع كما هي .
و هنا أقول لكل كاتب أسلوبه و طريقته و لا يستطيع أحد أن يفرض عليه أسلوبا أو فكرة معينة ، و القصة لا تتنافى و لا تعارض الايات القرآنية بأي حال من الأحوال لا مع الاية المذكورة في ردهم و لا مع الاية المذكورة في سورة الكهف ، قال تعالى ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا ) ، بل تؤيد ماجاء فيها ومارست اللجنة هنا دور الرقيب الشرعي دون علم وقصور في فهمها لمضمون القصة .
و ( عرض الافكار الجيدة يحتاج لسرد فني جيد و ليس مجرد نقل الوقائع كما هي ) جملة جميلة ومنمقة ورائعة و لكن ما المقصود بها ؟ إذا كان المقصود إشعار القارئ بالملل بسرد تفاصيل دقيقة عن الشخصيات وتحليلها نفسيا أو عن طريقة الدخول ووضعية الجلوس ونوع اللباس و الأثاث والمكان والنوافذ وشروق الشمس أو ظلام الليل والهواء و النسمة ، تفاصيل لا تخدم القصة .